الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا.. روسيا تغلق باب الهوى 

سوريا.. روسيا تغلق باب الهوى 

28.06.2021
بشير البكر


سوريا تي في 
الاحد 27/6/2021 
تعرف روسيا من أين توجع السوريين، وباتت المساعدات الإنسانية ورقة ثمينة بيدها. ومن صيف لآخر تعاود لعب ورقة المعابر، التي تشكل ممرات للمساعدات التي يتلقاها عدة ملايين في شمال غربي سوريا. وفي كل سنة تغلق معبراً أو أكثر من دون أن تقف بوجهها قوى دولية أو أمم متحدة ومنظمات حقوق الإنسان. وهكذا، منذ بدء الثورة السورية تمارس موسكو دور محامي النظام في المحافل الدولية إلى حد توفير مظلة لتغطية كل الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، ومن ذلك حرب التجويع، وسرقة المساعدات الإنسانية من ملايين من المهجرين. 
وفي الحادي عشر من الشهر المقبل يجتمع مجلس الأمن الدولي، من أجل مناقشة تجديد الآلية الدولية المعمول بها لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا من المعبر الوحيد الباقي على قيد العمل، باب الهوى. وبدأت موسكو تلوح بمنع تجديد تفويض الأمم المتحدة بإرسال المساعدات. وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده سوف تستخدم الفيتو ضد القرار في اجتماع مجلس الأمن، ينص على التمديد للآلية الحالية المعمول بها لمدة عام آخر. وفي وقت كانت التقديرات تشير إلى أن الاجتماعات الأميركية الروسية على مستوى عال خلال الشهرين الأخيرين قد انتهت إلى اتفاق حول هذه المسألة، استبق لافروف اجتماع المجلس ووجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، نشرتها وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، وأبدى إصراره على "تسليم المساعدات عبر خطوط النزاع داخل البلاد". وألمح إلى أن روسيا ستمنع تجديد تفويض الأمم المتحدة للمعبر الحدودي الوحيد، أي "باب الهوى"، الذي ينتهي في 10 من تموز. وهذا يعني من الناحية العملية تسليم المساعدات الدولية للنظام كي يقوم بتوزيعها. 
تدرك موسكو أن ثمن ورقة المساعدات يرتفع كلما اقترب أجل انتهاء المهلة، وازداد عدد المطالبين بتجديد الآلية الحالية 
لافروف البارع في قلب الحقائق، قال إن موسكو تشهد منذ نيسان 2020، محاولات متواصلة لعرقلة وصول قوافل مساعدات إنسانية مشتركة من قبل الأمم المتحدة و"اللجنة الدولية للصليب الأحمر" و"الهلال الأحمر العربي السوري" إلى شمال غربي إدلب من دمشق، من قبل "هيئة تحرير الشام"، وبالتواطؤ مع أنقرة. وأضاف أن "المعلومات التي تشير إلى خطوات إيجابية لتركيا لا تتمتع بإثبات واقعي". وتهدف مطالعة الوزير الروسي إلى تمييع القضية الأساسية، ورمي عدد من الكرات في ملاعب مختلفة كي يجد مبررات للسياسة الروسية التي تعمل بلا كلل من أجل إعادة تعويم النظام. وتدرك موسكو أن ثمن ورقة المساعدات يرتفع كلما اقترب أجل انتهاء المهلة، وازداد عدد المطالبين بتجديد الآلية الحالية، لاسيما واشنطن وأنقرة. ولذلك كانت هذه النقطة على جدول أعمال المباحثات الروسية الأميركية التي انعقدت مع مسؤولي الإدارة الجديدة، بداية في اجتماع لافروف مع نظيره الأميركي أنطوني بلينكن في 20 من أيار الماضي، وتلاه بيان عن الخارجية الأميركية، قال إن بلينكن شدد خلال لقائه لافروف على "ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوري". وشكلت المساعدات نقطة أساسية على جدول أعمال قمة الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين التي انعقدت في جنيف في السادس عشر من الشهر الجاري. 
وأوضح بايدن خلال مؤتمر صحفي عقب اللقاء، أنه أكد لبوتين الحاجة الملحة للحفاظ على الممرات الإنسانية، وإعادة فتح المعابر المغلقة في سوريا، لإدخال "مجرد طعام بسيط، وضروريات أساسية لمن يتضورون جوعًا حتى الموت"، بحسب تعبيره. ووفق الصحافة الأميركية فإن هذه النقطة محك للعلاقات الروسية الأميركية، وفي حال نفذت روسيا وعدها، فإن واشنطن سوف تذهب إلى بدائل لإدخال المساعدات، وإذا ما حصل ذلك فهو يشكل محاولة لمواجهة الابتزاز الروسي، وتصحيحا للوضع الراهن الذي ساد في السنوات الماضية، وهو يقوم على الاستيلاء على المساعدات الإنسانية واستخدامها في الحرب الداخلية، ومن المعروف أن سلاح التجويع هو أحد أمضى الأسلحة التي استخدمها النظام خلال السنوات الماضية. 
يعتمد معظم سكان شمال غربي سوريا البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة، بمن فيهم ما لا يقل عن 2.6 مليون نازح، على المساعدات الإنسانية 
ورقة المساعدات ذات بعدين. البعد الأول من أجل الاستخدام الداخلي. والثاني هو للمساومة وابتزاز الأطراف الدولية الحريصة على إيصال مساعدات إلى جزء من الشعب السوري، حيث لم يعد لديها سوى هذه الدور لمساعدة السوريين بعد الإخفاق في فرض حل سياسي، وتأمين حماية دولية من القتل ووقف التهجير القسري وإعادة المهجرين إلى بيوتهم. وحسب منظمة هيومن رايتس ووتش كان هناك نحو 13 مليون سوري يحتاجون المساعدة الإنسانية في أوائل 2021. ويعتمد معظم سكان شمال غربي سوريا البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة، بمن فيهم ما لا يقل عن 2.6 مليون نازح، على المساعدات الإنسانية، وحتى منتصف نيسان، وصلت نحو 55 ألف جرعة من لقاحات فيروس كورونا إلى المنطقة الشمالية الغربية عبر تركيا. وقالت الأمم المتحدة إنه من غير الواضح كيف ستصل اللقاحات إلى المنطقة إذا لم يُجدد مجلس الأمن تفويض معبر باب الهوى، المتنفس الأخير لملايين السوريين المهجرين قسراً.